RSS

بنات البحر… فتيات صغار يركبن أمواج البحر ويغصن في عمقه

30 مارس

هبة لاما- لم تتجاوز أكبرهن الخامسة عشرة من العمر، إلا أن المراقب لحركتهن وهن يركبن موج البحر يندهش لمهارتهن العالية ووثوقهن بأنفسهن، فتراهن يجتحن البحر بكل جلد وقوة كأنهن يمتلكن كل قطرة ماء فيه؛ فلا برودة الماء تمنعهن ولا الخوف من الغرق يقف في طريقهن؛ فبالرغم من عدم امتلاكهن للامكانيات الخاصة لركوب الموج كبدلات السباحة و”ألواح ركوب الأمواج” الفاخرة كغيرهن من ممارسي هذه الرياضة، إلا أن ذلك لا يعيق طموحهن في أن يصبحن راكبات موج ماهرات، يقطعن البحر جيئةً وإياباً، ويطوِّعن موجه بحركتهن الخفيفة وألواحهن البدائية.

شقيقتان وابنة عمهما، تُجِدنَ السباحة منذ طفولتهن الأولى ويعشقن البحر وأمواجه العاتية بكل جنونه وهدوئه وكل ما فيه من تفاصيل؛ فها هي شروق ابنة الخامسة عشرة من العمر تمضي النهار بطوله في تعلم ركوب الأمواج من والدها رجب أبو غانم -بطل فلسطين في السباحة- أما صباح التي لم تتجاوز الثالثة عشرة من عمرها فهي سباحة ماهرة وراكبة موج متفوقة، تتقن هذه الرياضة وتحبها بكل جوارحها بالرغم من صغر سنها وغضاضة عودها، في حين تتلذذ رواند ابنة الخامسة عشرة من العمر بمظهر الأمواج وهي ترتطم في اللوح، محدثةً ذاك الصوت البحري الجميل.

بدأت أعلم بناتي وابنة أخي ركوب الموج منذ عام تقريباً -يقول رجب- عندما وجدت لديهن الرغبة في السباحة وحب البحر وعشق أمواجه، فأخذت أدربهن يومياً شيئاً فشيئاً إلى أن بدأن يتقن هذه الرياضة التي لا يمارسها على شاطىء غزة إلا الرجال، لذلك كان الناس يستهجنون قيامي بتعليم بناتي وهن الفتيات الصغيرات لهكذا رياضة لطالما اعتبرت خطرة وخشنة في آن واحد”. لكن رجب بالرغم من كل ذلك كان مقتنعاً بمقدرتهن على تخطي هذا التحدي وإتقان رياضة ركوب الأمواج والتصدي لجميع الصعوبات المتعلقة بها.

ويضع رجب نصب عينيه الرغبة أولاً لأنها هي التي تولّد القدرة، ولا يهمه الفوارق الجسدية بين الرجل والمرأة؛ لهذا فهو لم يفرق بين بناته وأولاده بل علم الفتيات قبلاً لإيمانه بأنهن إن رغبن في إتقان هذه الرياضة فسوف يحصل ذلك من دون أي مشاكل فيقول: “عندي طفلة عمرها سنتين وطفل عمره 4 سنوات سوف آخذهما للبحر قريباً لأعلمهما السباحة ثم أطورهما في الغوص من ثم ركوب الأمواج ليصبحا كشقيقتيهما وابنة عمهما”.

ويحلم رجب في أن تكمل فتياته هذه الرياضة ولا يمانع في ذلك بتاتاً حتى لو وصلتا إلى سن البلوغ لأنه يرى فيها منشطاً للجسم والعقل وعاملاً مفيداً لهما، وهو لا يأبه لكلام المحيطين به، لعلمه أن ما يفعله ليس منافياً لأي خطوط أو حواجز يضعها المجتمع: “لقد حرصت أن تنزل فتياتي إلى البحر بلباس محتشم كي لا أحصد الانتقادات من الناس؛ فجل ما أريده هو أن تكون فتياتي سعيدات لعلمي كم يحببن البحر وركوب أمواجه”.

ويطمح رجب أن تتطور فتياته في هذه الرياضة ليصبحن بدرجة المهارة ويستهجن ردة فعل المجتمع الغزي عندما يرى فتاة تجوب البحر سباحةً وتركب أمواجه: “عندما أنزلت الفتيات للبحر جاء الناس وشرعوا في تصويرهن والتحدث إليهن كأن الذي يحصل هو شيء غريب بعيد عن الواقع ومنافٍ للعادات والتقاليد والدين وكل الأعراف والأحكام”.

أنا رجل بحر وأثق فيه وببناتي -يقول رجب- ولا أخاف عليهن ما دمت أعرف أنهن لا يمكن أن يجازفن بحياتهن بتاتاً، ولإيماني الشديد بقدرتهن ومهارتهن العالية، وسأكون دائماً مراقباً لهن في كل خطوة يخطينها لحرصي على سلامتهن من جهة واستمرارهن في ممارسة هذه الرياضة من جهة أخرى”.

أما شروق وصباح ورواندن فيعبرن عن رغبتهن في استكمال ركوب الموج ويصفن البحر ببيتهن الثاني الذي يشعرن في حضنه بالدفء والحنان ويجدن فيه عالماً من السلام في ظل الحروب والحصار والدمار والاحتلال.

 
أضف تعليق

Posted by في مارس 30, 2011 بوصة منوعات

 

أضف تعليق