مصائب قوم عند قوم فوائد… إنترنت سريع بكلفة منخفضة مقابل حياة 50 شركة

هبة لاما/خاص/PNN- كلما زادت المنافسة في السوق -بغض النظر عن ماهية السلعة- زادت حظوظ المواطنين في أسعار أقل وخدمات أكبر ومحفزات أفضل وبضاعة أكثر جودة، وربما أننا لكثرة معرفتنا بهذه المعادلة البديهية ننسى أن ننظر أحياناً إلى جانبها الآخر المتمثل بالخسارة والتوقف عن العمل جراء عدم القدرة على المنافسة؛ وهذه هي حال محالّ خدمات الإنترنت الADSL الصغيرة جراء قرار وزير الاتصالات الأخير القاضي بتحرير السوق وتخليصه من الاحتكار القائم.

فبينما سيحصل المواطن على امتيازات أفضل وإنترنت بسرعات أكبر، سوف تصل حوالي 53 شركة إلى حافة الانهيار نهاية العام الحالي وهذا ما يشرحه لنا مدير شركة مركز بيت لحم للإنترنت غسان عليان بشكل مختصر كالآتي: “تكمن المشكلة في النظام الجديد القائم على تحرير السوق هي أننا سوف نتحول من شركات تأخذ الخدمات من شركة الاتصالات -وهي المزود الأساسي لخدمة الإنترنت حالياًً- إلى شركات منفردة تزود كلّ منها المواطن بالخدمات دون الاعتماد على شركة الاتصالات، وذلك بهدف كسر الاحتكار وعدم الاقتصار على شركة واحدة مزوِّدة”.

وهذا بحد ذاته -كما يؤكد عليان- كارثة لأصحاب الشركات الصغيرة التي لا تستطيع المنافسة ضمن سوق مفتوح لكافة الشركات من ضمنها الكبيرة ذات الرأس المال العالي؛ إذ إن العمل كشركة منفردة يتطلب معدات وأجهزة تعادل كلفتها ال150 ألف دولار تقريباً إضافة إلى البيانات والموظفين التي تكلف 30 ألف دولار وهذا ضرب من الخيال والحلم بالنسبة لشركة صغيرة كشركته التي فيما لو حصل أن استطاعت أن توفر هذه المبالغ لتعمل منفردة فهي لا تستطيع المنافسة ضمن شركات كبيرة لها باع طويل في هذا المجال وخبرات عالية واتصالات عديدة ورأس مال كبير وما إلى ذلك.

لهذا فإن هذا القرار القاضي بتحرير السوق سوف يتسبب في إغلاق حوال 53 شركة صغيرة لا حول لها ولا قوة -بحسب ما يصف عليان- في سبيل إحياء 5-7 شركات كبيرة قادرة على توفير المعدات والالتزام بالشروط والأهم من ذلك المنافسة.

أما من جانب آخر متعلق بشروط الترخيص يشرح لنا صاحب شركة البرق نت لخدمات الكمبيوتر جميل هلال واصفاً الشروط “بالتعجيزية”؛ إذ يستوجب على كل شركة دفع مبلغ 3000 شيقل من أجل تجديد الرخصة ناهيك عن قيمة 7 بالمئة مقتطعة للسلطة الفلسطينية عن كل خط يركّب في العام الواحدة إضافة إلى نسبة 3 بالمئة ما يسمى بحجز رأس المال لحسن الآداء مما يؤدي إلى وصول المبلغ الذي يتوجب على الشركة الواحدة دفعه سنوياً حوالي 30 ألف شيقل وهذا يسبب أعباء إضافية لأصحاب المحال الصغيرة والمتناهية في الصغر.

وبما أن الاقتصاد الفلسطيني قائم في الأساس على الشركات الصغيرة والمصغرة -كما يتساءل غسان عليان- فإذا ضربنا هذه الشركات ماذا سيبقى لنا لتنمية اقتصادنا؟

من جانب آخر يؤكد وزير الاتصالات د. مشهور أبو دقة خلال حديث خاص لPNN أن النظام الجديد يأتي للمصلحة العامة أولاً وأخيراً بما يضمن فائدة للمواطن عن طريق حصوله على خدمات أفضل وإنترنت أسرع بأقل كلفة ممكنة ناهيك عن كسر الاحتكار الذي يعانيه سوق الإنترنت في فلسطين مشيراً إلى أن النظام الجديد لن يسمح لأي شركة الحصول على رخصة وإنما فقط الشركات المؤهلة لذلك والتي تستطيع أن تقدم الجودة المطلوبة للمواطن.

ويشير أبو دقة أثناء حديثه أن إنترنت بسرعات عالية سوف يتم تزويده للمواطنين بداية آب القادم مع بداية تطبيق النظام الجديد على خلاف النظام القديم بسرعاته المتدنية وهذا يسمح بحرية للشركات والحد من أعدادها في ذات الوقت؛ فبدلاً من 50 شركة تحت خط الجودة المطلوبة سيكون لدينا 5 شركات بجودة عالية بحسب ما يشرح أبو دقة وستتوقف شركة واحدة عن كونها سيدة السوق.

على هذا فإن البعض سوف يستفيد من النظام الجديد وسيراه مناسباً لمصالحه وتطلعاته والبعض الآخر سوف يتضرر… وكما يقولون فإن مصائب قوم عند قوم فوائد، بحيث لا تستطيع أن ترضي الجميع.