RSS

قزمة بالوراثة… أميمة ناصر أحلامها تتجاوز حدود جسدها الصغير

15 مارس

fatoom_030
هبة لاما/خاص/PNN- كانت واقفة هناك، في أحد شوارع رام الله المزدحمة بالسيارات والمارة، واثقة من نفسها غير آبهة بما يدور حولها، تتحدث بكل أمل في مستقبل أفضل، فهي تعرف تماماً أن الإنسان إذا ما أراد شيئاً بقوة فإن إصراره واجتهاده لا بد لهما أن يوصلاه إلى مراده في يوم من الأيام، أما اليأس فلا مكان له لمن يريد تحقيق أحلامه.

ابنة السابعة والعشرين ربيعاً، أميمة ناصر من قرية دير قديس، هي قزمة بالوراثة لكنها لا تأبه لنظرات الناس التي ترمقها باستغرابٍ تارةً وبشفقةٍ تارةً أخرى؛ فهي تدرك أن من اهتم لتلك النظرات والهمسات مات هماً دون أن يتسنى له تحقيق ما يريد؛ لذلك فقد عودت نفسها على تقبل فكرة اختلافها وعدم الاكتراث لتعليقات وأفكار الآخرين من حولها؛ فسبعة وعشرون عاماً من الإعاقة كفيلة بجعلها أكثر ثقة بنفسها.

فانتسبت لجامعة القدس المفتوحة، وتخصصت في مجال الخدمة الاجتماعية حتى تساعد المعاقين في تقبل واقعهم وإعاقتهم وتنقل لهم تجربتها؛ فدرست بكل عزم حتى تخرجت بنجاح باهر، لتخرج للحياة بشهادة لطالما حلمت بها وصداقات متعددة كونتها خلال دراستها الجامعية.

“أنا لا أيأس أبداً وسأحقق ما أريد” هكذا تردد أميمة بكل أريحية؛ فبالرغم من عدم قبولها في جميع الوظائف التي قدمت لها بعد تخرجها، إلا أنها لم تكف عن المحاولة؛ فعملت موظفة سنترال في شركة ريتش لخدمات الاتصالات، بما يعرف بخدمة “144”، منذ أيلول 2009، تجيب المتصلين وتساعدهم في الحصول على الأرقام التي يريدونها معتبرة ذلك خطوة أولى في سلم حياتها وأولوياتها.

لهذا فإن أميمة تحدت ولا تزال تتحدى جميع الصعوبات والمعيقات والحواجز، فتخرج من بيتها في بيت قديس الساعة السادسة صباحاً حتى تصل إلى مقر الاتصالات في رام الله الساعة السابعة، فيستمر دوامها حتى الثالثة والنصف، فتخرج من عملها وتستقل السيارات العمومية دون أن تهتم بما يقال لأنها تعتقد أن على الإنسان ألا يحرج من إعاقته فإذا أراد أن يشعر بالخجل فحري به أن يفعلها لأنه تقاعس عن عمله أو لم يؤد واجبه في الاستمرار بالحياة والتطور وبناء الذات، فالخمول -كما تقول- هو الذي يحرج وليس الإعاقة.

“لن أجلس في البيت منتظرة أن يأتيني الحظ من تلقاء نفسه فهذا لن يحدث أبداً، سأثبت لنفسي وللآخرين أنني أستطيع العمل والنجاح، وسأصعد السلم درجة تلو أخرى”، فبالرغم من أن أميمة تعتبر وظيفتها الحالية وسيلة لمساعدتها في بناء نفسها وزيادة ثقتها إلا أنها لا تزال تحلم بالعمل في مجال تخصصها ومساعدة المعاقين على تخطي عقباتهم وصعوباتهم.

إذ لا ينبغي أن تشكل الإعاقة -بالنسبة لأميمة- حاجزاً أمام الفرد؛ فالإنسان هو الذي يختار مصيره وما سيكون عليه في المستقبل فإما أن يحول إعاقته إلى عقبة ويعلق عليها جميع فشله أو يتعايش معها ويسعى للنجاح والتقدم والتغلب على الصعوبات، وهذا منوط بالإنسان نفسه ونفسيته وإصراره وحبه للحياة إذ تؤكد: “أنا لا أقول أنه من السهل العيش بإعاقة دائمة في مجتمع غالبية أفراده أصحاء إلا أن المثابرة تبقى دائماً هي الحل الأمثل لجميع المشاكل فأن تصل متأخراً خير لك من ألا تصل أبداً”.

بهذه الكلمات تبهر أميمة سامعها، فكيف لها كل هذه الثقة التي تشعرك لوهلة أنها تصدرها لك حين تتكلم إليها أو تسمعها تقول لكل معاق: “لا تجعل الآخرين يحاسبونك على اختلافك واكسر الحاجز الذي خلقته بنفسك بينك وبين الحياة فهي بانتظارك وستكافئك على اجتهادك وتغلبك على جميع الصعوبات ولا بد أن تحقق أحلامك جميعها أو جزءاً منها في يوم من الأيام”… هذه هي أميمة، الفتاة الصغيرة جسمياً والكبيرة بطموحاتها.

fatoom_027

 
أضف تعليق

Posted by في مارس 15, 2010 بوصة منوعات, المرأة والمجتمع

 

أضف تعليق